U3F1ZWV6ZTQwMTExODUzOTU3MDM5X0ZyZWUyNTMwNjAyNTk4MjY3NQ==

كيف تكون كذابا في السياسة؟

 



بقلم: مصطفى بوكرن

ما تعريف الكذب؟ وما الفرق بينه وبين التستر والتلفيق؟ وما الذي يجمع الكذب والتستر والتلفيق؟.

أما الكذب، فهو: أن يتحدث الإنسان بمقولة يعرف أو يشك في عدم صحتها، ولكنه يأمل، أن يظن الآخرون أنها حقيقة.

وأما التستر، فهو: التزام الصمت، بهدف إخفاء الحقيقة عن الغير.

وأما التلفيق، فهو: رواية حكاية، بالتركيز على أحداث معينة، وربط بعضها ببعض، بطريقة تصب في مصلحة شخصية، مع التقليل من أهمية حقائق أخرى، أو تجاهلها.

أو بصيغة أخرى: عرض الأحداث المعروفة، بصورة مشوهة، تخدم مصلحة الفرد المعني.

والكذب والتلفيق والتستر يصب في هدف واحد: "الخداع"، ويمكن تعريفه بما يلي: اتخاذ طريقة مقصودة، وخطوات متعمدة، لمنع الآخرين من معرفة الحقيقة الكاملة –كما يفهمها المخادع- بخصوص أمر محدد.

قد يسأل القارئ، عن الحكم الأخلاقي في الكذب والتستر والتلفيق في السياسات الدولية بين القادة مثلا، أو بين القادة وشعوبهم. والجواب عن السؤال، هو:

الكذب سلوك مستنكر ومشين، لأن الجمهور من الصعب أن يكشفه، إلا أن الكذب يكون الملجأ الأخير، للقادة الذين يسعون إلى خداع دول أخرى، لمصلحة بلدانهم. أما التستر والتلفيق، فهو مقبول أحيانا، لأن الجمهور يستطيع أن يعرف أن الصورة التي أمامه، غير مكتملة، فيعالج الخلل بملء الفراغات في الرواية.

القادة الذين يعتبرون أن الكذب عار، يلجؤون إلى التستر والتلفيق في خداع الدول أو شعوبهم.

وقد فهم السياسيون أهمية الكذب في العلاقات الدولية. أرثر سلفستر، مساعد وزير الدفاع للشؤون العامة في حكومة الرئيس جون كيندي، قال في أزمة الصواريخ الكوبية: "إن حق الدولة الأصيل في أن تكذب عندما تواجه كارثة نووية، هو أمر أساس".

إن حق الدولة الأصيل في أن تكذب عندما تواجه كارثة نووية، هو أمر أساس

وفي حقبة الرئيس جيمي كارتر، علق جودي باول، السكرتير الإعلامي للرئيس، قال: "إن سلفستر كان محقا في رأيه، فتحت بعض الظروف، ليس للدولة الحق في أن تكذب فقط، بل يصبح الكذب واجبا وطنيا". وقد كذبت اليونان حين أرادت الدخول إلى منطقة اليورو، حيث أخفت عجز ميزانيتها، فتحايلت على شروط الميثاق، ونجحت كذبتها.

وقد يسأل القارئ عن أنواع الكذب. والجواب أن أنواعه متعددة، نذكر منها ما يلي:
- كذبة لردع العدو؛
- كذبة للتقليل من قدرات الجيش الحربية؛
- كذبة إخفاء النوايا العدوانية ضد دولة أخرى؛
- كذبة التهديد بالهجوم على دولة منافسة؛
- كذبة تستفز دولة بهدف جرها إلى الحرب؛
- كذبة الاستفادة من المصالح أثناء التفاوض بشان الاتفاقيات والمعاهدات الرسمية.

وقد يستغرب القارئ من الحديث عن فوائد الكذب، فيتساءل متعجبا: هل الكذب في العلاقة بين الدول لا أضرار له؟ ! والجواب، أن له ثلاثة أضرار في الدول الديمقراطية وغيرها، وهي:
أولا: عزوف المواطنين عن السياسية، كيف للناخب مثلا، أن يحاسب السياسي أو القائد، عندما يكون من المستحيل معرفة حقيقة أفعاله؟.
ثانيا: غياب الثقة بين صناع القرار داخل الدولة الواحدة، وسيبذلون مجهودا في التحري.
ثالثا: تقويض سيادة القانون، لا بد من مساحة كبيرة من الثقة في الحياة العامة، لكي يكون النظام القانوني فعالا وكفؤا.

خلاصة الدرس: "إن الكذب، له حدوده في العملية السياسية، وهو مشروط بالمصلحة الوطنية". هذا الذي يؤكده جون جي. ميرشيمر أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيغاغو، صاحب كتاب: "لماذا يكذب القادة؟: حقيقة الكذب في السياسة الدولية". ترجمة غانم النجار، منشورات عالم المعرفة. هذه المادة العلمية مأخوذة من كتاب ميرشيمر.

السؤال: بعد أن استوعبتَ الدرس، هل ما يقول الساسة المغاربة حقيقة أم كذبا؟ وإن كان كذبا فهل هو تلفيق أم تستر؟ وإن كذب الساسة المغاربة، فهل لمصلحة وطنية أم شخصية؟ وإن كذبوا، فما نوع كذبتهم؟

أجب عن الأسئلة دون غش، وإياك أن ترسل إلي ورقة الامتحان، إنني أكره التصحيح.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة