U3F1ZWV6ZTQwMTExODUzOTU3MDM5X0ZyZWUyNTMwNjAyNTk4MjY3NQ==

هل مارستَ الجنس قبل الزواج؟

 

بقلم: مصطفى بوكرن

سأحكي تجربتي، ولا أريد الناس أن يقتدوا بي، فأنا حالة خاصة. بفضل الله تعالى، رزقني الله أبا متدينا، رباني على الصلاة في المسجد، وأدخلني إلى "المسيد"، منذ نعومة أظافري. لازلت أتذكر حين كان يذهب بي إلى المسجد ويعلمني الوضوء من الاستنجاء إلى أن أقول: "اللهم جعلني من التوابين ومن المتطهرين". كان أبي يناقش معي جميع تفاصيل حياتي الحميمية، يريد بناء شخصية متوازنة. فهمت حين كبرت لماذا كان يفعل معي ذلك، كان لسان حاله يقول: "إذا لم أناقش مع ابني هذه التفاصيل، سيناقشها معه الجهلة من الناس، ويوردونه المهالك". كنت أخجل منه، لا أستطيع أن اسأله أسئلة دقيقة. لكنه، كان جريئا معي، وحين أدرك أنني وصلت سن البلوغ، كان يقول: هل اصبحت رجلا؟ كنت أبتسم، وأتصبب عرقا. مرة، جئت أسأله، عن شيء رأيته، ولم أستطع تمييزه. كانت لحظة رائعة، عانقني أبي، وقبل رأسي ويدي، وطلب مني الوقوف، وقال بخشوع، واغرورقت عيناه بالدموع: هنيئا لك أصبحت رجلا، أو بلغة الإسلام أصبحت مكلفا.

هزني أبي وجدانيا، ربط علامة بلوغي بمعنى وجوديا له دلالة فلسفية في الإسلام. منذ تلك اللحظة، وأنا أنظر إلى الخارج مني، يؤشر على الرجولة والمسؤولية واستحضار الله عزوجل. أنا الآن، أتأمل في تربية هذا الأب الرائع المدهش، كيف استطاع أن يحرر بلوغي، من معناها الشهواني الضيق، ويمنحه معنى، يدل على النضج العقلي والوجداني وليس الجسدي فقط.

لم يكن أبي متشددا، ولم يكن متحررا، كان متدينا تدينا واقعيا، يحب الحياة، لكنه ملتزم بتدينه. وإن كان يتابعني، إلا أنه كان يؤكد على حريتي، ويدعمها دعما كليا، وظل يردد على مسامعي: يا بني، لا تكن نسخة مني، أبدع نسختك الأصلية.

في المرحلة الإعدادية، سمعت لأول مرة، كلمة: "التكـ...."، كان التلاميذ يقهقون، وكنت أرى بعضهم يفعلونها جهارا نهارا. عشت صدمة، لم أنسها في حياتي، وكنت أعلق: لا علاقة لكم بالرجولة. بدأ يراودني شعور ممارسة هذه العادة. فتحت الموضوع مع أبي، وناقشني بحب وتقدير واحترام. كان أبي صديقا لي، يرافقني أينما حل وارتحل، ونتحدث في كل المواضيع. ذهب بي إلى مقهى فاخرة، وتحدث معي، وظل يفسر الإيجابيات والسلبيات. وتحدث معي حتى عن الحكم الشرعي، وفاجأني في الأخير بقوله: إن أردت أن تمارسها، فمارسها. وجدت نفسي بشكل تلقائي، أعانق أبي، وظللت أقهقه دون توقف، واختلطت علي الأمور، فنزلت من عيني دمعة ساخنة. والآن أتذكره، قائلا: ما أروعك يا أبي. أكتب هذه العبارة، وشهقة دموع باغتتني ممزوجة بالفرح. أعتز بك يا أبي، وافتخر بك. غرس في معاني الرجولة وحب الحياة. كان نموذجا عمليا أمامي، يريدني أن اقتدي بخلاصاته في الحياة.

حين قال: افعلها، أضاف قائلا: ستفعلها يا ابني ولن تشبع، ولو فعلتها مليار مرة، ستظل جائعا. الجنس، فم مفتوح، يردد كل لحظة هل من مزيد، وكلما أكل لا يشبع. ومن جعله غاية في حياته، سيجن، لأن الله خلقه فينا، لوظيفة محددة، ولم يجعله غاية.

كان أبي يمنحني دفق الحياة النافع. ولا يلزمني بتوجيهاته، يقول لي، إن لم تقتنع فجرب. كنت أخاف، من هذه الكلمة. سألته يوما عن التدخين، وكنت في الإعدادي، رأيت زملائي يدخنون. تحدث معي طويلا، وقال لي: إن لم تقتنع، فجرب، وسترى.

أصبح الجنس في حياتي، مرتبطا بالمسؤولية، وأنه ليس غاية بل هو وظيفة، وفوق كل ذلك، هذه المعاني، مرتبطة بالخالق سبحانه. حين وصلت إلى الثانوي، كنت أرى زملائي التلاميذ، يعيشون حيرة قاتلة. كثير منهم، ضيع مساره الدراسي، لأن في الثانوي، تنضج التلميذات، فيصبحن ثمرة، قد حان قطافها. ومنهن من يقتطفن دون مقدمات ولا التزامات، فتقع الكارثة.

ملأ أبي عقلي بتلك القيم العظيمة، فأخرجت موضوع الجنس من حياتي. وكان أصدقائي، يكادون يصابون بالجنون، حين أجيبهم عن سؤال: كيف أتعامل مع غريزة الجنسية؟ أقول لهم: سيدتي الغريزة، نائمة، ولا أريد إيقاظها، إلا في الوقت المناسب. أريدها أن تشبع نوما. وكنت أقسم لهم بالله، أنني أتعامل معها بالإهمال، ولا يصدقون.

كنت أجهد نفسي بحلم ظل يراودني منذ الطفولة: أن أكون أفضل كاتب في العالم العربي، وأن أمتهن مهنة الكتابة. بفضل الله تعالى، كتبت خمسين رواية، فزت بجوائز كثيرة، أعيش حياة كريمة، في دولة قطر، وأدرس في جامعتها النقد العربي. وصلت إلى سن الستين، ولم أتزوج. تأثرت كثيرا، بكتاب العالم الجليل عبد الفتاح ابو غدة: "العلماء العزاب"، وأحببت أن أسير على هذا النحو. وجدت في الخيال، أجمل متعة، وأعظمها، فتزوجتها، وعشت معها أجمل اللحظات.

وجدت في الخيال، أجمل متعة، وأعظمها، فتزوجتها، وعشت معها أجمل اللحظات.

كثيرون يمارسون الجنس خارج الزواج، ويظنون أن الناس جميعا يفعلون ذلك، ولا يصدقون أن بعض الناس لم يضعوا يوما يدهم على "بازاكلو"، أو رأوا جسم امرأة. سيصابون بالجنون، إن اكتشفوا أن الأمر حقيقة. اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك. والحمد لله رب العالمين.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة