U3F1ZWV6ZTQwMTExODUzOTU3MDM5X0ZyZWUyNTMwNjAyNTk4MjY3NQ==

كيف تراعي عقل زوجتك العجيب؟

 



بدأت تنتخ بطن زوجتي، زرنا الطبيب، لمراقبة الجنين. أظهر لنا كامل أعضائه، في شاشة الفحص، وأخبرنا بتردد، أن جنسه: أنثى. وكان يظن أن يكون رد فعلنا جاهليا، فاستبشرنا خيرا، وسألنها عن الأهم، مقدار اكتمال أعضائه الداخلية والخارجية. وليثبت لي، أنها أنثى، أراني عفتها في التلفاز.

انطلقت زوجتي في الإعداد لاستقبال المولودة، القادمة من عالم الغيب، وراحت تشتري لباس الإناث. وظللنا نتخيل هذه الطفلة، نفرح بها ونلاعبها. انطلق مارطون اختيار الأسماء: هبة، فاطمة، لينا، كوثر، سعاد، عفراء...

أكون جالسا، بعد تناول وجبة الفطور، وتسألني زوجتي:
- بصراحة، هل كنت تريد طفلا أم طفلة؟
- ما يهمني هو الصحة السليمة، لا فرق عندي بين الذكر والأنثى.
أرى ملامح التوتر على وجه زوجتي. أغضبها، بمثل هذه الإجابات، لأن المرأة، تكره الرجل الذي لا رأي له، ولو كان الموضوع تافها. أجب عن سؤالها بدقة، دون لف أو دوران، وإلا ستكون ضحية لنعوت كثيرة.

تعيد زوجتي السؤال مرة أخرى: هل كنت تريد طفلا أم طفلة؟

حقا، أنا لا أستطيع أن أكون دقيقا في الإجابة، لأنني لست مشاركا في مسابقة من يربح المليون. لكن زوجتي تصر على الدقة في الإجابة. وحين أتأخر في الإجابة، تتذكر قصصا قديمة، وتباغتني بها، وتحاصرني، وتختمها بقول لطيب:

- يخ على راجل. بحالي غيدير محاضرة.

أعاتب نفسي، لأنني أريد أن أكون منسجما مع أفكاري. أتذكر تعليقاتها: كن دقيقا، ودعك من الفلسفة. لا تحتاج الحياة الزوجية، للكثير من العلم بل للكثير من العمل. وقد يخطئ الكثير من المقبلين على الزواج، حين يكثرون من قراءة الكتب في موضوع الزواج، بداية من كتاب "الوضعيات الجنسية" إلى كتاب "تربية الأبناء". لا يعني هذا، التقليل من شأن العلم، بل الإلمام بمعطيات قليلة، توضح لك الصورة، لأن الواقع معقد. كل ما قرأته في الثقافة الجنسية، حرقته في دماغي. الحياة الزوجية متقلبة، بما يتوافق ومتناقضات الرجل والمراة، التي لا تنتهي.

لو قلت هذا الكلام لزوجتي، لعضتني من أذني اليسرى. تكره النقاش النظري في تفاصيل الحياة الزوجية، تريدني أن أكون دقيقا في الإجابة، حاسما في القرارات، عمليا دون تردد.

طاوعت رغبتها، وقلت لها: بصراحة، كنت أريد طفلة؟

ردت علي بسرعة: كذااااب.

إياك ان تظن إذا استجبت لرغبة زوجتك، فقد ترضيها، إنك واهم.
حين تتهمني زوجتي بالكذب، لا أقلق، لأنني أكذب في بعض المواقف الصعبة، وأكون صريحا في غالب الأحوال. حقا، إن إجابتي صريحة، كنت أريد طفلة.

صمتت قليلة، ثم قلت لها: لا أريد أن أكون دقيقا في إجابتي، لانني أعرف أنك ستختلفين معي، وقد تصفينني بوصف غريب. ثم سألتها، لأتجاوز الحديث عن الكذب والصدق: وأنت ماذا كنت تريدين؟


حين تتهمني زوجتي بالكذب، لا أقلق، لأنني أكذب في بعض المواقف الصعبة، وأكون صريحا في غالب الأحوال.



ابتسمت زوجتي، ثم قالت: بصراحة، كنت أريد طفلا؟

لم أرد عليها بمثل ما ردت علي: كذابة. هذا الأسلوب مدمر في الحياة الزوجية، أن ترد على زوجتك بمثل ما ترد عليك. بمعنى، أن تجعل من ذاكرتك خزانة لأخطائها، فتختار الوقت المناسب لتهديها إليها. أفضل خلق في العلاقات الإنسانية: العفو، يطهر القلب، ويجعلك تفكر إيجابيا، إلا في بعض الحالات التي يصعب التعايش معها.

هي تريد مولودا، وأنا أريد مولودة. وافقت على اختيارها. وكثيرا ما أفعل ذلك، لكي أمنحها شعورا جميلا. أفعل ذلك، حين أقوم بإلعاء عقلي. أومن أن حياتنا، لا تدار بالعقل المنطقي، أحيانا استعمل جميع حواسك الجميلة إلا العقل، فإنك ستجاوز الكثير من المشاكل.

خضنا لفحص الطبيب، إننا نتظر طفلة جميلة. أخبرت زوجتي أمها وأفراد أسرتها. وسرت على المنوال نفسه في الأخبار. الكل يستعد بما لديه عطاء استقبال المولدة.

خرج الطبيب من غرفة العمليات، بعد أن بقر بطن زوجتي، وأخرج فلذة كبدي، تستغيث أهلها الذين تركتهم في رحم زوجتي، تناديهم أن يردوها إلى عالمها الصغير، ولا تريد العيش في عالم فسيحا يعج بالمشاكل، بداية من فض مظاهرة تحتج على الزيادة في ثمن الماء والكهرباء إلى ثقب الأوزون. كانت نائمة ياتي رزقها بإذن ربها، فإذا بها جاءت لتعيش المعاناة.

لم ينتظر الطبيب أن اسأله. بارك لي المولود، اندهش، فقلت: ولد ولا بنت. رد علي مبتسما: راه ولد اسيدي مبارك أو مسعود.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة