بقلم: مصطفى بوكرن
حينما نقرأ
كتاب:"سيكولوجية الجماهير" غوستاف لوبون، يحدد الصفات المميزة للجمهور،
وأهم صفة "الانفعال وغياب التفكير النقدي العقلاني".
الجمهور،
إذا اردت أن تؤثر فيه بشكل، كبير كن شخصية انفعالية، بمعنى أن تحضر ذاتك، في موضوع
الخطاب، الذات في كل أبعادها، النفسية والجسدية والروحية، وتكسر كل الحواجز بينك
وبين الجمهور، فيشعر المتلقي، وكأنك تجالسه على مائدة شاي منعنع أمام البحر، وتبوح
إليه بما لذ وطاب.
بنكيران
يتقن هذه الطريقة، بشكل بارع، مرة قال الصحافي رضوان الرمضاني، أن بنكيران لا يمل
سماعه في الندوات الصحافية.
طبعا السبب
واضح، هو الخروج عن الموضوع الصلب الممل، والقيام باستطرادات انفعالية تخاطب
العواطف، مثلا يوم عرض البرنامج الانتخابي، للانتخابات 7 أكتوبر 2016، حكى بنكيران
نكتة الطفل الذي ظل يركز عليه فارتطم بعمود الكهرباء..، بنكيران يسلك هذه الاستراتجية،
لتكسير روتينية الحديث، واندماجه مع المتلقي، حتى ليكاد أن ينسى الموضوع الذي جاء
من اجله.
ولذلك،
بنكيران يبكي، يقهقه، يحكي النكت، يحكي بعض الاسرار، يتحدث عن زوجته، يتحدث عن
الحب، يتحدث عن ابنائه بالتفصيل، وقد يفضح اعز من يحب من إخوانه في العلن، كان يقول
في أحد المجالس الوطنية للحسن الداودي:"دير عقلك الداودي"..وهكذا
الجمهور يعشق الانفعالات والحميميات، لأن في الحشد ينخفض مستوى التفكير النقدي.
هل مناضلو
البجيدي تحولوا إلى جمهور داخلي لبنكيران؟
للأسف،
نعم، والمؤشر، هو نفس الطريقة التي يتحدث بها أمام الجمهور الانتخابي، يسلكها أمام
نخب الحزب وأطره وكفاءاته.
اللقاءات
الداخلية، مثل:"المجلس الوطني" هو لحظة لتقديم تقرير سياسي دقيق وعميق،
يقرأ من الورقة لا ارتجالا، لأن أعضاء المجلس هم نخبة الحزب، جاؤوا ليسمعوا صلب
الموضوع، ويناقشوه بعمق ودقة.
لكن
بنكيران يقف أمامهم ساعة كاملة "كيتبورد" وللإنصاف مداخلة بنكيران تكون
رائعة ومتميزة، ولا تحتاج إلى الاستطرادات، لأنه له رؤية سياسية دقيقة وعميقة.
بنكيران
يقول عن نفسه:"أنه لايطيق الجد" وأنه:"أول وآخر رئيس حكومة يضحك
الناس"، فهو يعتقد نفسه هكذا، مصر على الاستمرار، ولا يتنازل أبدا.
الغريب،
حينما يكون بنكيران يتحدث أنظر في وجوه الاطر العليا للحزب، يكونوا منجذبين إلى
درجة التماهي مع الرجل، نظرا لأنه يسلك طريقة "انفعالية فيه بوح شخصي"،
مع التركيز على بعض الافكار الصبة.
هل مناضلو
الحزب يفقدون التفكير النقدي حين سماعهم لخطب نبكيران؟
أكاد أجزم
نعم.
لأن هذه
الخطب تتخللها احيانا "استطرادات كارثية" اعطيكم مثالا، الأمانة العامة
أصدرت بلاغ الإقالة للأمين بوخبزة، واضحا بلغة مقتضبة، لكن بنكيران تجاوز البلاغ
وقصف الامين بوخبزة في محطتين جماهيرتين الأولى في سلا، وصفه بأنه اصبح مع الخصوم
والأعداء والبلاغ لا يقول ذلك، والثانية في افتتاح الحملة الانتخابية وصفه بانه ضل
السبيل السياسي والبلاغ لا يقول ذلك.
هل سمعنا
مناضلا من الحزب، يحتج على هذا السلوك، لم نسمع احدا، لعل الجميع كان يعيش سكرة
الخطاب الافتتاحي في جو من تسونامي الحشود.
بنكيران
سياسي محنك، رجل إصلاح من طراز رفيع، هذه الانزلاقات لا تقلل من شانه ولا إساءة
الادب تجاهه، فهو إنسان إيجابياته كثيرة، لكن سلبياته أحيانا مدمرة، المشكلة أن
يطبع اعضاء الحزب مع هذه السلبيات ولا يقاوموها.
ثم هذا نقاش ديمقراطي، هو عنصر قوة للحزب، لكن بعض "الحمقى" يصطادون فيه، ليخترعوا قصصا خيالية.

إرسال تعليق