U3F1ZWV6ZTQwMTExODUzOTU3MDM5X0ZyZWUyNTMwNjAyNTk4MjY3NQ==

محمد الصالح ميسة يكتب: حكومتنا والأعياد الإسلامية

 







يوجد في الظهير الخاص بالتنظيم الأساسي للمحاكم الفرنسية فصل عدّد فيه الأعياد والعطلات الإسلامية وهي يوم الجمعة بأتمه والأيام الثلاثة الأخيرة من شهر رمضان المعظم وثلاثة أيام لكل من عيدي الفطر والأضحى واليومان التاسع والعاشر من شهر محرم "عاشوراء"، اليومان الثاني عشر والثالث عشر من شهر ربيع الأول مولد الرسول صلى الله عليه وسلم.


لا نريد أن نتكلم هنا عما نسي أو تناسى محرر هذا الظهير من أعياد المسلمين والمغاربة ومواسمهم ولكن نريد أن نلفت نظر حكومتنا إلى أن هذا الظهير رغم نقصه الكبير لا ينفذ ولا يعمل به في أي إدارة من إدارتها أو مصلحة من مصالحها في معاملتها مع المسلمين من موظفيها ومستخدميها وحتى في المحاكم التي هي أجدر من يجب عليه أن لا ينسى أو يهمل قانونا أو ظهيرا فهي لا تراعي في استدعائها الأهالي المسلمين لحضور جلسات الحكم أو البحث لا يوم الجمعة ولا أيام الأعياد والمواسم المقررة بالظهير المذكور أعلاه أو بالعادات وعرف البلاد والمحافظة العقارية أيضا تعين المرة بعد المرة مواقيت التحديد أيام العطلة القانونية الإسلامية تضطر المسلمين أحيانا إلى ترك فريضة الصلاة يوم الجمعة أو هجر الأهل والأحباب أيام الأعياد التي سنت لإقامة الشعائر الدينية وللراحة وصلة الرحم.


وكم من مرة نبهت هذه المصلحة إلى تلك الأغلاط فلم تعرها أذنا ولا نظرا كان كل ما يخص ويعني الأهالي لا يستحق عطفا ولا عناية وليست المحافظة العقارية والمحاكم الفرنساوية منفردتين بهاته المعاملة فإن المصالح الأخرى تشاركها في ذلك ويتكرم بعضها على بعض الأهالي المسلمين بجواز الخروج يوم الجمعة على الساعة الحادية عشرة بدل الثانية عشر وتمنح في الأعياد يوما واحدا ولا توجد إدارة بالمغرب كله حتى أقربها إلى جلالة السلطان تطبق الظهير المتحدث عنه بحذافيره، ولم نر من الحكومة طيلة هذه المدة من يوم صدور هذا الظهير إلى الأن أي منذ سنة 1913 عطفا منها على الأهالي في ذلك بتذكير إدارتها ومصالحها بهذا القانون ووجوب مراعاته بل شاهدنا المدارس نفسها في عدة مدن كبار كالدار البيضاء والقنيطرة وغيرهما تستبدل يوم الجمعة بيوم آخر كالخميس مثلا إرضاء لرغبة بعض المدرسين الفرنسيين الذين يريدون مرافقة إخوانهم من مدرسي المعاهد الأخرى إلى الصيد أو النزهة ذلك اليوم الذي تعطل فيه المدارس الفرنسية.


ولا توجد إدارة بالمغرب كله حتى أقربها إلى جلالة السلطان تطبق الظهير المتحدث عنه بحذافيره



إن الحكومة المغربية حكومة إسلامية وكل مصلحة وإدارة بالقطر مغربية من واجبها احترام حكومتها باحترام أعيادها ومواسمها المقرر بأمر منها للصالح العام وليس من الحق والعدل أن تنفذ تلك المصالح وتلك الإدارات الفقرة الخاصة بالأعياد الأخرى وتمهل أو تتناسى الفقرة التي تتعلق بأعياد المسلمين رغم قلة أعيادهم المقررة رسميا بالنسبة إلى سواهم من مواطنينا الفضلاء.


وإن الحكومة اليوم تهتم كثيرا بدرس نقط الخلاف ورفع سوء التفاهم بين الطرفين وإحلال الإخاء محل الجفاء بين العنصرين الأهلي والأجنبي في هذا الوطن الذي يدعو كل ما فيه من جو صقيل وشمس ساطعة وأخلاق لينة وشيم كريمة إلى التعارف والتآلف ونحن ننبهها إلى هذا الموضوع حتى لا يرميها أحد بأنها تكل بمكيالين فنرجو منها أن تبعث منشورا إلى إدارتها ومصالحها تذكرهم فيه بالظهير الذي أشرنا إليه وتأمرهم بمراعاته وتنفيذه وأن تسعى سعيا حثيثا في إضافة الأعياد والمواسم التي أهملها محرر هذا الظهير مع أنها من الأيام التي لها في الأمة مكانة وشأن كما نطلب منها أيضا بمناسبة هذا الموضوع أن تصدر قرارا باتخاذ يوم جلوس صاحب الجلالة على العرش المغربي عيدا وطنيا.


مصدر المقال: مجلة المغرب، العدد: 11، تاريخ النشر: 1 يوليوز 1933.


تعريف مختصر بصاحب المقال: محمد الصالح ميسة، جزائري، من أدباء المهجر في فترة الحماية، عمل في الترجمة لإحدى إدارات الحماية بالرباط. مؤسس مجلة المغرب الشهرية، صدر عددها الأول في يوليوز 1932، وتوقفت في 1936، صدر منها 40 عددا.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة