U3F1ZWV6ZTQwMTExODUzOTU3MDM5X0ZyZWUyNTMwNjAyNTk4MjY3NQ==

فؤاد عبد المومني: كل مغربي يمنح الصحراء 2000 درهم والدولة تصرف 6000 مليار سنتيم سنويا





 أرشيف جريدة المشعل:


إعداد: مصطفى بوكرن



كيف ترى الوضع العام للتنمية في الصحراء المغربية الآن، مقارنة مع سنة استرجاعها سنة 1975 عبر المسيرة الخضراء؟




إذا كنا نعني بالتنمية وجود بنيات ومنشآت وطرق غير ذلك، فلا وجود للمقارنة ما بين صحراء اليوم وصحراء سنة 1974. لكن إذا كنا نتحدث عن التنمية كتدبير للقدرات الذاتية، واستغلال الكفاءة الاقتصادية، بما يعني الإشباع التلقائي لحاجيات المواطنين، فإننا لم نقم بخطوات مهمة من هذه الناحية.. لذلك، فالصحراء تظهر الآن بانها تشهد تنمية على مستوى البنيات والمنشآت، فقط لأنها تستفيد من تحويلات المناطق الأخرى للمغرب، وإلا فمدينة العيون لن تصل حتى إلى مستوى مدينة زاكورة أو آقا وغيرها، بسبب عدم توفرها على مقومات ذاتية من شأنها تنمية المدينة، وبالتالي لو أنها ظلت على سيرها الطبيعي للمجتمع والاقتصاد لجرى لها ما جرى لكل المناطق في العالم وليس في المغرب فحسب.


إن الاتجاه يسير نحو تمركز الساكنة بالمناطق التي توفر أحسن الحظوظ لحياة اقتصادية واجتماعية أكثر ملاءمة، وفي هذه الحالة كنا سنرى مثل ما جرى بالنسبة للهجرات التي تمت من كل المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية إلى المناطق الساحلية والغنية والاخرى التي تمركزت فيها بطريقة أو بأخرى خيرات البلاد.. يعني أن هذه المناطق هي التي كان المواطنون الحصراويون سيتمركزون بها، وليس بالعيون أو الداخلة أو السمارة كما الآن.



يرى كثيرون أن استثمار المغرب في صحرائه كلفه كثيرا، في نظرك أين يتجلى هذا الدعم الذي ظلت المملكة ترصده للصحراء من حولي 40 سنة خلت؟




التحويلات واضحة جدا، فعندما ترى كلفة الاستثمارات والدعم المخصص للمناطق الصحراوية، وترى بالمقابل الدخل الذي أنتجته المنطقة والذي ينحصر فقط في كمية قليلة جدا من الفوسفاط "استغلاله لا يغطي حتى كلفته لمدة عقود" وكمية ضئيلة من الأسماك، ستجد بأن هذا الدخل هزيل جدا مقارنة مع المجهود الذي بذله المغرب في المنطق، لهذا أكرر بأنه لا يستقيم التقييم إلا إذا تم بالمقارنة مع مناطق أخرى لها نفس الشروط والؤمهلات، حيث لا وجه للمقارنة بين المنطقة حاليا ومدن كزاكورة وطاطا.



أو الراشدية مثلا؟




مدينة الراشدية كانت تتوفر على مؤهلات، وكانت رغم ذلك مدينة كبرى منذ القدم، فهي كعاصمة لمنطقة تافيلات وكطريق وممر، نشطت بشكل كبير على المستوى التجاري، وكانت أهم بكثير مما يقع بالصحراء.. الآن أصبحت الصحراء على ما هي عليه بسبب تمركز المواطنين، فمن جهة هناك الضبط العسكري، لأن المغرب كان في حاجة إلى تمركز الناس في المدن، عوض أن يظلوا يتحركون عبر القوافل، التي تسهل عملية تسلل عناصر البوليساريو، خلال الحرب إلى الداخل، ومن جهة ثانية كان المغرب يرغب في تواجد الصحراويين في المنطقة إلى جانب المواطنين القادمين من المناطق الأخرى، هذا بالإضافة إلى تواجد قوة عسكرية ضخمة وإدارات، مما أدى بالمغرب إلى إنتاج منطقة من الصفر، وهذا لم يحدث في أي منطقة أخرى في العالم.



لا يختلف اثنان حول التضحيات التي قدمها المغاربة في سبيل الأقاليم الجنوبية في نظركم كم يستثمر المغرب في صحرائه، أو ما هي الكلفة المالية التي يضخها في الصحراء؟




يمكن تقدير كلفة الصحراء بحوالي 10 في المائة من الدخل الخام للمغرب، أي حوالي 60 مليار درهم "6000 مليار سنتيم" تكلفها الصحراء عندما تدمج كل عناصر الكلفة، ضمنها الاستثمارات والدعم المالي المباشر والوظائف التي تخلق في المنطقة دون أن تكون لها إنتاجية اقتصادية واجتماعية. هذا بالإضافة إلى كلفة الجيش بالمنطقة. والتي يسهل حسابها، ذلك أنه يمكن أن تأخذ كلفة الجيش بالنسبة للدخل في المغرب، ومقارنتها مع المتوسط العالمي، لنجد بأن هناك ثلاثة أضعاف، أي أن المتوسط العالمي يصل إلى حوالي 1.6 في المائة من الدخل الخام، في حين أن المغرب له 5.1 في المائة، وبالتالي يكلف الجيش في ارتباطه المباشر بقضية الصحراء حوالي 3 في المائة إضافة من الدخل، أي أن المغرب يصرف على الجيش حوالي 25 مليار درهم بسبب نزاع الصحراء، زيادة على 16 مليار درهم لا نحتسبها لغياب الاتحاد المغاربي الاقتصادي بسبب مشكل الصحراء، فعندما تضيف هذه التكاليف على أخرى. تجد بان الدولة تصرف على الصحراء حوالي 60 مليار درهم، أي ما يقارب 6000 مليار سنتيم.. وهذا ما يجعلني أقول بأن أول عنصر لعدم تنمية المغرب بشكل عام هو كلفة قضية الصحراء، لذلك لا يمكن تصور تجاوز وضعية اللاتنمية في المنطقة بدون إيجاد حل لقضية الصحراء.



قبل حوالي سنتين أو أكثر كنت قد صرحت بأن المغرب يصرف على صحرائه حوالي 7000 مليار سنتيم في السنة... لكن اليوم تقلص الرقم إلى 6000 مليار هل من سبب؟



عموما إن استخراج الفوسفاط قبل قبل حوالي ثلاث سنوات كان لا يغطي حتى مصاريفه "كانخسرو فيه اكثر مما كانربحو"، بخلاف هذه السنة والأخرى التي سبقته، حيث يحقق منجم بوكراع أرباحا "كثر مما كايخسر"، مما يعني أنه عادي جدا أن تقع هناك بعض التقلبات في الأرقام.



إذن هي أرقام نسبية؟




الأرقام التي أطلقتها، ليست أرقاما تدعي التحليل العلمي الدقيق، فهي تقديرات عامة جدا. لنفترض ان المغرب لا يصرف سوى نصف هذا المبلغ على الصحراء "30 مليار درهم"، إن السؤال لا ستعلق بتضارب الأرقام، وإنما بهل المغرب قادر على تحمل هذا النصف كمصاريف بشكل سنوي ومستديم.



في نظرك كم يمنح المغربي من جيبه سنويا لدعم الاستثمار في الصحراء كنوع من التضامن؟




وفق تقديراتي الشخصية، أرى بأن كل مغربي يصرف سنويا 2000 درهم على الصحراء.. إن دخل المغربي يشكل تقريبا 20 مرة من هذا المبلغ. مما يعني أن 5 في المائة من دخله المتوسط يصرف على قضية الصحراء.



لو لم يكن مشكل الصحراء قائما، هل كان المغرب سيقارن بدولة متقدمة الآن، خاصة وأنه صرف آلاف الملايير على الصحراء؟




يمكننا أن نفترض هذه المبالغ المهمة لو لم تذهب إلى الصحراء، لكان جزء منها لن يذهب للتنمية مباشرة، حيث كان هناك من سيستفيد من هذا الجزء، لأن مجرد ثلثي هذه المبالغ التي صرفت على الصحراء طيلة 40 سنة لو رصدت للتنمية لكان المغرب من البلدان المتوسطية، وليس من الدول الضعيفة ضمن متوسطي الدخل.. أي أن ارتفاع الدخل الذي حدث عندنا على مدار 40 سنة، كان ممكنا أن يقع خلال خمس سنوات فقط، وهكذا كان المغرب سيقارن بتركيا مثلا أو دول أخرى في نفس المستوى. لان الدخل الفردي في المغرب يساوي نصف الدخل الفردي في الجزائر، ويساوي أقل من نصف الدخل الفردي في تونس، كما يساوي أقل بكثير من الدخل الفردي في تركيا.. بمعنى لو لم ترصد هذه المبالغ للصحراء لكان المغرب يقارن حاليا بتركيا أو البرازيل وغيرها من البلدان من نفس المستوى.


مرجع الحوار مع الناشط الحقوقي والمحلل الاقتصادي فؤاد عبد المومني: أسبوعية المشعل، العدد: 445، من 11 إلى 17 دحنبر 2014.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة