بقلم: رضوان الرمضاني
شحال هادا كانو الناس كيكولو بللي الخوف كيكون من ثلاثة: الما والعافية والمخزن. دبا الخوف من الما والعافية يمكن ما زال كاين. أما المخزن فما بقا منو خوف.
وشحال هادا كان الشعب كيستقبل السلطة والناس ديالها بالشيخات وبوسان اليدين والتصفيقات وكيسان أتاي وطباسل كعب غزال. أما دابا فرجعو كيهربو منهم. ويلا مشاو لعندهم كيديو معاهم.. الحجر. كية اللي جات فيه.
دقة في، دقة فالمخزن.
لم ينطق رجل الأمن الذي عبر عن خشيته من أن يتكرر في صفرو، على هامش الأحداث الأخيرة، ما حدث في مدينة فاس نهاية عام 1990 إبان الإضراب العام الذي دعت إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، "لم ينطق" من فراغ. عمله في أسلاك السلطة علمه أن الدولة المغربية لا يمكن أن ترد على "فوضى" أو "شغب" أو "تمرد" أو "عصيان" إلا بما هو أقسى أو أسوأ. للدولة تجارب كثيرة: أحداث 1965، وأحداث 1981، وأحداث 1984 وأحداث 1990، دفعت ثمنها سياسيا في الحين، وتأخرت في تسديد الثمن ماديا سنوات وسنوات. غير أن أجواء "الإنصاف والمصالحة"، وإن كانت أربحتها سياسسا وحقوقيا على المستويين الداخلي والخارجي فإنها أفقدتها كثيرا من رأسمالها الرمزي الذي استغرقت عقودا في بنائه سياسيا على مفهوم خاص لـ "هيبة المخزن"، حتى أن كثيرا من العاملين في "القوات العمومية" صارت في العهد الجديد، يشتكون من أن حقوق الإنسان ضصرات عليهم عباد الله، وكثير منهم صار يترحم على عهد إدريس البصري وزير الداخلية الأسبق، الذي استطاع، قيد حياته وسلطته، أن يقنع الناس صحة بأن "الهيبة" مرادف للقمع والمعتقلات والمنافي. ومللي مشا مشا معاه العز ديال المخزن. "هذا سلوك ناتج عن التغير في تعامل السلطة مع الاحتجاج بصفة عامة، الناس كتشوف بللي القمع والاعتقالات ما بقاوش" يعلق محمد العيادي، الباحث في العلوم الاجتماعية.
في السنوات الأخيرة، تواترت بين بوعرفة وسيدي إيفني والعرائش وخنيفرة وصفرو، وغيرها من المناطق النائية، وقائع احتجاج كثيرة، تفرقت في أسباب النزول واجتمعت في شكل جديد من المواجهة مع الدولة ورموزها، ينبني على "دقة فيا دفة فيك" عوض "اللي كالها المخزن هي اللي كاينة" حتى صارت مظاهر الاحتجاج "الرسمي" من وقفات ومسيرات تحمل فيها اللافتات والشعارات المهيأة سلفا، لا تحمل ما يثير الانتباه إليها من فرط التكرار. "الاحتجاجات السابقة كانت تقع مرة من عشر سنين لعشر سنين، ودبا ولا احتجاجات يومية وما بقاتش اضطرابات حضرية" يقول العيادي. وأكثر من ذلك، يضيف المصدر ذاته، أن "هذه الحركات الاجتماعية ردود فعل غير مؤطرة سياسيا أو نقابيا، ربما يكون فيها حضور بعض التنظيمات السياسية تتخذ شكل جمعيات "حركة النهج الديمقراطي" و"حزب الطليعة" و"الجمعية المغربية لحقوق الإنسان"، إلا أن هذا الحضور يعطي الانطلاقة فحسب ولا يؤطرها فيما بعد" حسب قول العيادي. في بوعرفة استمر رفض أداء فواتير الماء والكهرباء عاما تقريبا، وفي سيدي إيفني رفض الشباب العاطل الخضوع "للتجنيد الإجباري"، وفي خنيفرة تواجه مواطنون، في مقدمتهم النساء، مع القوات العمومية، في صفرو ناضت القربالة وأحرق المحتجون كل ما يرمز إلى الدولة مما وجدوه في طريقهم، وفي العرائش تم رشق بيت عامل الإقليم بالحجارة. وبين هذه الوقائع، تكررت حوادث كثيرة رشقت فيها مواكب وزارية رسمية بالحجارة. المخزن مسكين ! آش كيعني هاد الشي؟ ياك ما السيبة عاوتاني؟ "قد تكون السيبة إذا خرج التعبير عن الاحتجاج عن إطاره القانوني وتحول إلى تمرد عام، لكن الظاهرة صحية يلا قريناها على مستوى التغيير السياسي حيث القبضة ديال المخزن ما بقاتش كيفما كانت" يقول العيادي.
مرجع المقال: نيشان، العدد:120، من 5 إلى 12 أكتوبر 2007.

إرسال تعليق