U3F1ZWV6ZTQwMTExODUzOTU3MDM5X0ZyZWUyNTMwNjAyNTk4MjY3NQ==

كيف سيوظف خصوم المغرب في الجزائر ترويج طوطو للحشيش من داخل مؤسسة رسمية؟

 




بقلم: مصطفى بوكرن


إذا سألتَ في الغالب فنانا عن السياسة، يقول لك: لا أهتم بها. وهو يقصد في الغالب أيضا: الانتماء الحزبي. لأن الفنان لا يريد أن يحسب عن جهة ما، فيفقد جزءا من جمهوره، باعتبار أن الفنان ملِك للجميع.



ولكن الفنان، الذي نضج في فهمه للواقع، يمتلك رؤية سياسية، بمعنى آخر، له القدرة على أن يحدد خصومه، ولا يخجل من الانحياز إلى ما يعتقده، ضمن ثوابت معينة. ويعني هذا، أن الفنان، يدرك أنه في قلب الصراع، وليس خارجه، وهو بذلك في قلب السياسة وليس خارجها، بما هي صراع سلمي تستعمل أدوات ناعمة، وفي مقدمتها الفن.



قد يقول قائل: الإيديولوجية لا تخدم الفنان، بل عليه أن يهتم برسالته الفنية، وأن يسهم في تهذيب الذوق الجمالي للجمهور.



وأصحاب هذا القول، يظنون أنه منزوع الدسم الإيديولوجي، وهو في الحقيقة قول إيديولوجي. لا مفر لك، من أن تكون طرفا في الصراع، ولذلك عليك أن تكون مدركا لمن معك، ومن ضدك في كل قضية تتناولها، ليس بالمنطق الحزبي، ولكن بمنطق سياسي، يرتبط بالواقع السياسي للبلد، وبموقع الفنان في خضم التناقضات القائمة.


فن الراب، فن احتجاجي، يلهب مشاعر الغضب، ويضرب على وتر "الحكرة" و"الظلم" و"الإقصاء" و"التهميش".. وأمام واقع بئيس، يحق للرابور أن يكون متمردا، على كل شيء، من أجل أن يكون نموذجا للشباب، في فترة عمرية تعزف على لحن التحدي، وصناعة نموذج مفارق للمحافظة في كل شيء. بمعنى أن الراب هو في أصل ضد الواقع القائم، وينشد مستقبلا مليئا بالأحلام المثالية حيث العدل والمساواة والحرية.



وهو بهذا المعنى، فالراب في صلب السياسة، وإن لم يكن الرابور ينتمي إلى حزب ما.



لكن الرابور يتكيف مع واقعه، فالرابور الأمريكي أو الفرنسي أو الإسباني، ليس هو الرابور المغربي. في البداية يبدأ الرابور مقلدا، فيصدم بواقعه، الذي تؤطره قيم سياسية واجتماعية وأخلاقية.



منذ الرابور البيغ، الذي فاجأ الناس بكلامه "الخاسر"، عرف تطورا كبيرا، وانتهى بأغنية فيها آهات دينية حول حال الميت في القبر. ظل البيغ متمردا على أخلاق المجتمع، لكن وجد نفسه أداة تستعملها الدولة، فأخذ الدعم لإنتاج ألبوم. بمعنى، أن النفس الاحتجاجي غير موجه للحاكمين الماسكين للقرار، بل يصبح الاحتجاج هو كلاشات بينية، ورفض للواقع الاجتماعي. وأحسن نموذج للراب المغربي، ما انتهى إليه الرابو مسلم. يبدأ ثائرا، وينتهي بإنتاج أغنية تجارية بحسب  لسان مسلم. يعني، فنان يبحث عن لقمة العيش.



يتضح أن الرابور المغربي، لا يمتلك رؤية سياسية، لا يعرف: لماذا المغرب فيه ملكية؟ ما هي أسس شرعية هذا النظام؟ لماذا المغاربة قبلوا بهذا النظام لقرون؟ من هم خصوم هذا النظام؟ ولا يعرف تاريخ بلده، إلى غير ذلك. كل ما في الأمر، أن الرابور وجد واقع الحكرة، وقفز يصرخ، دون أن يدرك أن صراخه له تأثير، خاصة إذا كان له جمهور واسع. وكلما أصبح لفنان جمهور كبير، أصبح يقوم بوظيفة سياسية دون أن يدرك، وإذا أدرك، يحسب كلماته بدقة، ويدير حضوره بذكاء، لأنه تحول إلى شخصية عمومية، وفاعلا في الحياة السياسية.



فنان الراب طوطو، أتابع أغانيه منذ مدة، واستمعت لحواره الشهير مع الرمضاني، يبدو شابا بسيطا، كل أحلامه، أن ينتقل من واقع الحرمان على كل المستويات إلى واقع الرفاهية والعيش الكريم. بمعنى، يبحث عن الخلاص الفردي وفقط. ولا يدرك أنه أصبح أحد الفاعليين السياسيين، وأنه شخصية عمومية. كل ما يفكر فيه، أن يبدو غريبا، بتعويج "ٌقنانفه"، وإطلاق أصوات "الطزطزة" من "شلاقمه"، والانغراس في لحظة حشيش...، بمعنى أنه يفكر في نفسه، لا في جمهوره، يريد أن يكون كما هو، دون أن يعطي أي اعتبار للآخرين. يفكر في خلاصه فقط، كما قال للرمضاني: "خلينا غير نبنيو المستقبل وتشوف الدينار مطراسي هنايا".



طوطو يبحث عن "طرف من الخبز"، هذا من حقه، لكنه لا يعرف أنه يقدم هدايا مجانية لخصوم المغرب. في ماي 2016، اتهمت السلطات الجزائرية المغرب بإغراق الجزائر بـ 800 ألف طن من المخدرات في 12 سنة الماضية. وفي دجنبر 2020، ضبطت  وزارة الدفاع الجزائرية -بعد اعتراف أمريكا بسيادة المغرب على صحرائه- في الحدود بين المغرب والجزائر 27 قنطارا من المخدرات. وقبل أيام في 8 شتنبر  أعلن الجيش الجزائري إحباط عملية تهريب المخدرات عبر شاحنات قادمة من المغرب.



طوطو يبدو أنه "ناشط"، لا يهمه إلا نفسه، "باش يدير لباس"، وهو واضح في رؤيته الخبزية، لكن المشكلة الكبيرة، هي أن وزارة الثقافة  التي احتضنت الندوة الصحافية، وعبر فيها طوطو عن تناوله للحشيش، وتساءل: ماذا بعد؟. قال ذلك، كما لو أنه طفل صغير لا يبالي بالتداعيات، لأنه يظن أن التدعيات قريبة من أنفه فقط، ولا يدرك أن التدعيات، لها أبعاد دولية حول صورة المغرب في الخارج، إذ الجزائر تستغل هذا الملف لضرب علاقة المغرب بأوروبا وإفريقيا.



أن تحتضن الوزارة هذا الفنان، ويتفاخر في مؤسسات رسمية بترويجه للحشيش، فالوزارة، قدمت هدية من طبق للدعاية الجزائرية ضد المغرب، أدركت ذلك أم لم تدركه. وإلى الآن لم تصدر بلاغا تتبرأ فيه مما يقوله طوطو.


أظن أن الإعلام الجزائري، سيتلقف هذه التصريحات، وينظم عليها برامج لمدة شهر، تؤكد اتهامات الدعاية الجزائرية حول أن المغرب يغرق بلادها بالحشيش. وسيجد المسكين منار السليمي نفسه في ورطة، ليؤكد عكس ذلك، ويحشد الكثير من الأدلة، مواجها ما يسميه "إعلام الكابرانات".


لن أتحدث عن التداعيات التربوية في مؤسساتنا التعليمية، ستجد التلميذ يدخن الحشيش، ويبرر ذلك، أن الجميع يدخن، بما في ذلك الرابور طوطو. أصبح هذا التبرير شعار الجيل: "الكل يفعل، ولماذا لا أفعل أنا أيضا".


بوحدوز فكرة، والفكرة لا تموت...


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة