بقلم: مصطفى بوكرن
تابعت نهائي كأس العرب للناشئين، أقل من 17 سنة، بين المنتخب الجزائري والمنتخب المغربي، وانتهت المباراة، بمعركة ملاكمة، فاجأت اللاعبين والجمهور والجامعة المغربية. غصت وسائل التواصل الاجتماعي لشعب المغرب، بكل عبارات التنديد والسب والشتم والغضب، تجاه من لم يحترم أصول الضيافة، فضلا عن أن المغرب والجزائر شعب واحد "خاوة خاوة".
هاج الجميع تجاه هذا التصرف، فأصدرت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بيانا تندد بالممارسات التي اعتبرتها وحشية وهمجية، وتستغرب الغياب التام للأمن، كما أنها تستعد لتسخير كل الإجراءات القانونية لصون كرامة اللاعبين أشبال الأطلس.
انطلق بعض الأجانب المتخصصين في المغرب، والذين أنشأوا قنوات للدفاع عن المغرب، في الهجوم على الجزائريين، كما أن بعض المؤثرين المغاربة، استعملوا حساباتهم الخاصة، للتنديد، وحشد الناس تجاه هذه التصرفات التي اعتبروها لا تمت بصلة إلى الرياضة، وهناك من ذهب إلى أن ما وقع مخطط له، وهناك من يطالب بعدم ذهاب وفد المغرب لمشاركة في القمة العربية في الجزائر، لأنه قد يتعرض لما تعرض إليه أشبال الأطلس.
بصراحة، وكعادتي، لا أريد أن أنساق لمشاعر الغضب، بل أحاول أن أجتهد في فهم الأحداث بعمق. وما سأقوله، وجهة نظر تخصني، وأتحمل مسؤوليتي فيها.
لابد أن أذكر المغاربة، بأن الجزائريين خرجوا في مارس 2019، بإسقاط نظام بوتفليقة، وبعد احتجاجات متواصلة، تمت تنحية بوتفليقة، وبقي النظام كما هو، وعاد الشعب للخروج إلى الميدان، إلى أن قام نظام العسكر باحتواء كل تلك الاحتجاجات، وإدخال الشعب الجزائري في معارك وهمية، وخاصة معركته الأبدية مع المغرب، لأنها أحسن وسيلة للسيطرة على الشعب الجزائري، بحيث قام بمجموعة من الإجراءات المستفزة للمغرب، وتجييش الشعب ضد المغرب، حيث استطاع أن يجمع كل جهوده، ليؤكد لهم، أن العدو ليس العسكر الحاكم للجزائر، بل المخزن الحاكم للمغرب.
لكن غالبية الجزائريين، لم ينساقوا خلف هذه الخطة، بل ظلوا يرددون شعار "خاوة خاوة"، ويعرفون أن من يحكمهم هو نظام مجرم ومستبد.
التذكير بهذه السياقات، يجعلنا نفهم حقيقة ما وقع. لو تتبعنا مجريات المباراة، سنلاحظ أن المنتخب الجزائري، كان يريد الهزيمة، لا الفوز، وقام بكل المجهودات، لينتصر المغرب عليه. وكان الهدف من هذه الخطة، أن لا يخرج تبون ليهنئ الشعب الجزائري، و"يقطر الشمع" على المغاربة، بمعنى، أن المنتخب الجزائري، يدرك استغلال العسكر لانتصاراته الرياضية، فأراد أن ينهزم ليسحب منه هذه الوسيلة، للتلميح بإشارات سلبية إلى الدولة المغربية.
وهنا، مع الأسف، المغاربة تسرعوا في الهجوم على المنتخب الجزائري، ولم يتريثوا، لأننا حاكمناهم بالظاهر، في حين ما وقع يحتاج لمنهج هيرمينوطيقي، في إنتاج معنى جديد، مخالف لما اعتقده الجميع.
لاعبو أشبال ياسين شيبا، لم يكونوا في مستوى تلقي الإشارات من لاعبي الجزائر. كانت كل الأجواء مهيئة لينتصر الأشبال.
زاد غضب لاعبي الجزائر، كانوا يقولون مع أنفسهم: كيف يسرنا لهم الانتصار وهم يريدون الهزيمة؟. هنا، فهم لاعبو الجزائر، كأن أشبال المغرب، يريدون تقديم خدمة لتبون. فكان الإعداد لمباراة الملاكمة بعد نهاية المباراة.
لاحظتم أن ملاكمي الجزائر، استهدفوا مباشرة، حارس المرمي طه بنغزيل، لأنه أفشل مخططهم، فحاصروه، وانطلقوا في الركل واللكم.
حقيقة ما جرى، باختصار، أن لاعبي الجزائر، كانوا يريدون أن يخسروا هذه المباراة، لسحب نتيجة الفوز من الاستعمال السيء لتبون، لكن أشبال المغرب، لم يكونوا في مستوى الحدث، وتعرضوا للاعتداء، لأنهم مكنوا تبون استغلال فرحة ناشئي الجزائر.
أرجو صادقا، أن ينقل منار السليمي هذه الحقيقة في برنامجه، لا أن ينساق مع مشاعر الغضب.
إرسال تعليق