U3F1ZWV6ZTQwMTExODUzOTU3MDM5X0ZyZWUyNTMwNjAyNTk4MjY3NQ==

فيلم silence.. إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان بصيغة مسيحية!

 


بقلم: مصطفى بوكرن

قبل أسبوع خططت لأشاهد فيلما سينمائيا مساء يوم الجمعة، للمخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي Silence خرج إلى القاعات السينمائية في أواخر 2016، لكن زوجتي خططت أن تخرج في نفس التوقيت مع صديقتها، للذهاب إلى التسوق.

لا يمكن أن تشاهد فيلما سينمائيا، إلا وأنت في قمة التركيز، وخاصة السينما الامريكية، وخاصة أفلام سكورسيزي، ولا يمكن أن تذهب إلى التسوق إلا وأنت في قمة التركيز، فالأطفال يفسدون متعة التسوق.
قلت لزوجتي: دي معاك البنت
قالت: ميمكنش، أنت شنو كدير
قلت: سأشاهد فيلما سينمائيا
قالت: شد البنت وسكت، أشمن فيلم ولا عبو الريح
قلت: هي الأولى امراتي العزيزة، ميكون غير خاطرك. منزيدش الهدرة.

أفكر في طريقة للبحث، لضبط العلاقة بيني وبين بنتي، أن تجلس هادئة، دون أن تزعج فرجتي ومتعتي المقبلة.

جلست أمام الحاسوب، دخلت إلى صفحة الأفلام، اخترت فيلم "الصمت" لسكورسيزي.

بدأ الفيلم، احتضنت بنتي بين ذراعي، لكن لست مطمئنا، لأن بنتي تشاهد شاشة الحاسوب، الغريب أنها هادئة مطمئنة.

ينطلق الفيلم، بمشاهد تعذيب، بطريقة عنيفة، يملأ دلو صغير بالماء الحارق، ويسكب كرشاشة استحمام، فيحمر جلد المعذب.

خفت أن يؤثر ذلك على بنتي. حمد الله، بدأ الوسن يداعب أجفانها.

حاكم اليابان الحريص على الديانة البوذية، يعذب يابانيين، اعتنقوا الديانة المسيحية، بسبب القسيس فيريرا، وكلهم في ميدان التعذيب، ينتظرون دورهم.

بعد هذا المشهد ينتقل المخرج إلى القرن السابع عشر ميلادي، اليابان ذات الديانة البوذية تمارس أبشع أنواع التعذيب تجاه من يرتد عن دينه إلى المسيحية، بسبب تبشير القساوسة.

بلغ تلاميذ القس فيريرا، بعض الأخبار التي تقول:"إن القس أصبحا ملحدا"، نزل الخبر كالصاعقة عليهم، فكروا في الهجرة إلى اليابان للبحث عن أستاذه، والوصول إلى الحقيقة.

بدأت أسمع شخير بنتي. فرحت كثيرا، قمت ووضعتها في سريرها.



المدة الزمنية للفيلم ساعتان وأربعون دقيقة، ينتقل بك المخرج عبر مشاهد رائعة وجميلة، انطلق التلميذان رودريكز وجروب، في مهمة البحث عن أستاذهم القسيس فيريرا.


يعرض المخرج مسارا، عجيبا لهذين التلميذين القسيسين، حينما وصلوا إلى اليابان، وجدوا الكثير من القرى تخفي إيمانها بالمسيح، وتتظاهر أنها تدين بدين البوذية، ويكشف الفيلم الحالة السرية لتدين المسيحيين، وحرصهم على التدين، بل استرخاصهم النفس من أجل "الإيمان".

لكن بين الفينة والأخرى، جواسيس حاكم اليابان، يكشفون أمر بعض المواطنين، فيختبرونه بطريقة محددة، وضع صورة المسيح في الأرض، والدوس عليها بالقدم، وفي حالة ما نجح الجميع في ذلك، ينتقل الاختبار، إلى البصق في وجه صورة المسيح المدد على صليب صغير.

في هذه اللحظة، ينكشف أمر مؤمنين مسيحين، فتنطلق حفلات التعذيب المريعة، كوضع المؤمنين على صلبان كبيرة مبثوثة على شاطئ البحر، وفي حالة المد، مياه البحر ترتطم باجسادهم، إلى أن يموتوا.

افترق رودريكز عن جروب، كل واحد منهما ذهب إلى قرية معينة، المخرج ركز على تصوير حياة رودريكز، وكيف كان يتفاعل مع ما يراه من تعذيب الناس.

في تلك اللحظة رودريكز يقول: الرحمة يا ألله، ينادي ربه ليتدخل، فلا يسمع سوى الصمت، ولا يرى تدخلا.


الرحمة يا ألله، ينادي ربه ليتدخل، فلا يسمع سوى الصمت، ولا يرى تدخلا.


وهذا سبب تسمية الفيلم بالصمت، حينما نرى عذابات الناس المجنونة، نلجأ إلى الله، ليتدخل فلا نسمع سوى الصمت.

لكن في المقابل، حينما ألقى حاكم اليابان القبض على رودريكيز ووضعه في السجن، كان أعوان الحاكم، يقولون للقسيس الشاب، الله لن يتدخل لإنقاذ هؤلاء من التعذيب، لكن أنت من تستطيع أن تتدخل لإنقاذهم، عبر ارتدادك عن المسيحية واعتناق الديانة البوذية، لو فعلت ذلك، سيتبعك هؤلاء الناس، وفي الأخير لن نلاحقهم.

مخرج هذا الفيلم، يضع المشاهد أمام مأزق، هل يمكن أن تتشبث بعقيدتك التي تكون سببا في عذابك وعذاب الكثيرين، مع العلم أن التمتع بالسلام والحرية ممكن بفعل واحد، أن تترك هذه العقيدة.

في هذه اللحظة تذكرت الآية القرآنية:"إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان". أخاف ان تستيقظ بنتي وتفسد علي متابعتي المركزة للفيلم.

أقوى لحظة في الفيلم، بعد أن تشبث رودركيز بعدم ترك المسيحية، جاءت اللقطة الرهيبة.

أحضروا أستاذه، الذي استقر في اليابان.

اطمأن التلميذ حينما رأى استاذه، علم أنه لا زال على قيد الحياة لكن المفاجأة. أن الأستاذ الذي جاء التلميذ يبحث عنه أصبح ملحدا حقا وحقيقة، اتبع البوذية وترك المسيحية، وتزوج بيابانية وأنجب أربعة اطفال.

جاء الأستاذ وخطاب تلميذه بقول صادم، دعاه إلى التخلي عن المسيحية، فهي لا تصلح لشعب اليابان، أصيب التلميذ بحيرة رهيبة، ويتساءل: الأستاذ الذي رباني على المسيحية وجئت أبحث عنه متحملا كل المشاق، يدعوني إلى الإلحاد؟!!!

في لقطة فيليمة بديعة، على يمينه أستاذه الذي يدعوه إلى الردة وعلى يساره تعذيب للناس الذين اتبعوا المسيحية، فأيهما سيختار: أينتظر الرب ليتدخل لإنقاذ المعذبين أم يستجيب لأستاذه فينقذ المعذبين؟

جيئ بصورة المسيح، ووضعت على الارض، طلب من رودريكيز، أن يضع قدمه على الصورة، لقطة فيلمية ذكية، وضع قدمه على الصورة بطريقة دائرية سقط على إثره، كأنه لحس الصورة دون أن يضع قدمه كاملة.

أنقذ المعذبين، واصبح بوذيا.

مات استاذه، تزوج رودريكزي زوجته، مرت السنوات، توفي رودريكيز، شيع جثمانه على الطريقة البوذية، وضعوه في صندوق مربع، أجلسوه، وذهبوا بالصندوق إلى مكان لإحراق الجثة، أشعلت الناس، بدأت تلتهم الصندوق، في هذه اللحظة، المخرج يخترق بكاميرته، الصندوق، ويصوب نظرها إلى كفه اليسرى، ترى الصليب موضوعا في كفه.

لقطة مذهلة، تفهمك أنه ارتد في الظاهر، لكن ظل مسيحيا إلا أن مات "موريسكي على الصيغة المسيحية".

زوجتي عادت من التسوق، استيقظت بنتي، أسترجعت تفاصيل الفيلم، أريد ان احكي لزوجتي متعة الفيلم، وهي تريد إخباري بتفاصيل التسوق، لم نتفق، أعيش لحظة متعة باذخة، امتلأت بالفيلم، وهي تتذكر قصة تسوقها الجميلة.

اختلفنا، لا أستطيع أن اسمع تفاصيل التسوق، وهي لا تريد أن تعرف قصة الفيلم، استفردت ببنتي وحكيت له الفيلم من البداية إلى النهاية.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة