بقلم: مصطفى بوكرن
ذهبت إلى البرلمان الإيطالي واستمتعت بالنقاشات الصاخبة بين البرلمانيين، كل طرف يقدم حججه، بقوة وشجاعة، وقد تتطور الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، صراخ واشتباك بالأيادي، لكن في الأخير البرلمانيون يقررون؟
تذكرت نقاشاتنا البرلمانية في المغرب، في الحقيقة هي تشبه نقاشات البرلمان الإيطالي في زمن بنكيران، رفعت رأسي، شعرت بالنشوة، وحدثت نفسي اننا نحن ايضا في المغرب، نقاشاتنا البرلمانية قوية، البرلمانيون يقررون في النهاية.
بعد الانتهاء من متابعة النقاش الصاخب داخل البرلمان الإيطالي، عدت إلى الفندق الذي أقيم فيه، بسبب تنظيم مؤسسة بحثية مؤتمرا علميا حول "الخطاب السياسي عند الإسلام السياسي"، شاركت فيه بورقة علمية، شرحت فيها خصائص الخطاب السياسي للسياسي المغربي عبد الإله بنكيران.
طبعا هذه الزيارة إلى البرلمان، هي فقرة مدرجة ضمن أيام الملتقى العلمي، والغرض من ذلك، متابعة الخطاب السياسي للبرلمانيين الإيطاليين.
سجلت بعض الملاحظات، فتح المجال للنقاش، وتعدد القراءات لنقاش البرلمانيين الإيطاليين.
بعد الانتهاء من المناقشات الطويلة، اخترت أن أزور أحد المقاهي المجاورة للفندق، بصحبة باحث مغربي يجيد اللغة الإيطالية، يقيم في إيطاليا منذ سنوات، شارك في الملتقى العلمي.
أخبرني هذا الصديق، أن السياسة في إيطاليا، لا يمكن أن تفهمها من خلال الندوات، بل يمكن أن تفهمها من خلال قصة فتاة قاصر.
اندهشت لهذا التحليل، وقلت له كيف؟
ركز معي جيدا، وسأحكي لك قصة روتها لي عاملة في الدعارة الراقية Sabrina.
تعرفت صابرينة على سياسي إيطالي عضو في البرلمان Filippo Malgradi،
أثار نقاشا حاد حول قانون تجديد الضواحي، ومن ضمنها المنطقة الجنوبية أو سيتيا، من أجل الاستثمار السياحي فيها.
حشد هذا البرلمان الأغلبية من أجل التصويت على هذا المشروع بكل الوسائل والطرق.
اما الرجل ينتمي إلى عصابة ماغلينا يلقب ب Samurai، لص كبير، راكم تجربة كبيرة في العلاقات مع كل شخصيات البلد، لإنجاز المشاريع الكبرى ، مثل الكازينوهات " قمار، مخدرات، دعارة...".
هذا الرجل هو صاحب فكرة قانون تجديد الضواحي ومن ضمنها أوسيتيا، يريد إطلاق مشروع سياحي ضخم، يتجار في الكل الممنوعات.
لتنفيذ هذا المشروع، اتصل بشركائه، واول شريك البرلماني Malgradi الذي سيقترح القانون، وهو مقترح الأغلبية، ورئيس الحكومة على علم بذلك، لأنه صديق ملكرادي.
دور ملكرادي التعبئة و الحشد من أجل التصويت على القانون، وشراء البرلمانيين، بان يمنحوا صوتهم فقط، ولهم نصيب في المشروع.
هذا الرجل Samurai لا يكتفي فقط بالاتصال مع البرلمان الإيطالي، والتحالف مع برلماني يحشد النواب يوم التصويت، بل يتصل بالمؤسسة الكنسية، ويتحالف مع قس داخل الكنيسة متورط في الفساد، ويريد منه أن يجمع المال، لإنجاح مشروع أوسيتيا.
يقول صديقي:
هذا المشروع الذي خطط له ساموراي، وجد نفسه في مأزق كبير، Malgradi عاشق للقاصرات، يمارس الجنس، يشرب الكوكايين، يخون زوجته، اتصل بصابرينة، لتحضير فتاة قاصر، من أجل ليلة حمراء، وكان له ما أراد، لكن وقع ما لم يكن في الحسبان، الفتاة القاصر، تناولت جرعة كوكايين قوية، توفيت على إثرها.
بسبب هذا الحدث، سيجد Malgradi نفسه في ورطة حقيقة، يريد إنجاح مشروع أوسيتيا بالتواطؤ مع صديقه رئيس العصابة Samurai ، لكنه أمام جريمة قتل قاصر، وممارسة الجنس.
السياسي Malgradi ترك صديقته والقاصر في الفندق، وذهب إلى حال سبيله، اتصلت Sabrina بصديق لها يلقب بالصغير، أخبرته بما وقع، جاء إلى الفندق، حمل الجثة، وذهبا لرميها في بحرية مائية.
يعلق صديقي قائلا:
لكل عمل ثمن، الشاب الصغير ذهب إلى Malgradi ، استثمر المعلومات التي عنده، وهدده بكشف السر، وعليه أن يحدد له نصيب في مشروع أوسيتيا، وإلا سيفضحه.
وجد ملكرادي نفسه في مشكلة كبيرة، اتصل بصديق برلماني، يعرف أحد المجرمين ينتمي إلى عصابة في منطقة اوسيتيا، يلقب ب Numero8، هذا البرلماني اتصل بالمجرم، لينفذ مهمة التهديد للشاب الصغير، الذي يهدد ملكرادي.
يتساءل صديقي: وماذا وقع؟
المجرم Numero8 لم يهدد فقط، بل نفذ المهمة بإتقان، قتل الشاب الصغير.
سألته: ماذا سيقع بعد ذلك؟
سينفجر الوضع، الشاب الصغير هو أخ رئيس عصابة يلقب بManfredi، هذا الرجل يعيش في مسكن كبير، مملوء بالأطفال والنساء..، هو يهودي يقرض الأموال للناس بفوائد، حينما يعجزون على سداد الديون، يأخذ ممتلكاتهم.
هذا الرجل Manfredi أصبح هدفه معرفة قاتل أخيه.
في هذا اللحظة سيظهر شاب يعيش حياة البذخ والرفاهية في عالم الليالي، اسمه Siba ، هذا الشاب، وقعت له قصة غريبة مع أبيه، جاءه ذات مساء، وطلب منه أن يزور والدته باستمرار ويضع الورود على قبرها، لكن الابن قلق من طلبه، ودع الأب ابنه، وبعد لحظات ينتحر الأب، يرمي نفسه في واد من فوق الجسر.
بعد موت أبيه، جاءه شابان، يخبرانه أنهما يعرفان قاتل أبيه، أخذوه إلى Manfredi اليهودي المرابي، رئيس العصابة، قال له:
- هل تعرف قاتل أبيك؟
- لا
- الذي قتله هو الديون
اندهش سيبا، وقال: كيف؟
أبوك اقرضناه الكثير من الأموال تصل إلى الملايين، لكن عجز عن سددها، ولذلك، كل ما تركه سيصبح ملكا لنا؟
أصيب سيبا بصدمة قاتلة، ثم قال Manfredi :
- امامك اسبوع لتفكر في الأمر؟
بعد أن قتل الشاب الصغير، Manfredi خطط أن يستعمل Siba كجاسوس للكشف، عن القاتل، استدعاه، واخبره بالمهمة، وإن نجح في الكشف عن القاتل سيجازيه، لن يصادر كل تركة أبيه.
صحب مانفريدي سيبا إلى المشرحة، ليطلعه على أخيه القتيل، ويطلب منه بلغة صارمة، أن يعرف القتلة، واحدا واحدا.
بعد أن عاد سيبا إلى البيت، جاءت عنده صابرينة، لتمكث معه بعض الأيام، لانها خائفة، بعد قتل الأخ الاصغر لـ Manfredi ، وهو صديق صابرينة، استضافها سيبا في بيته.
تجاذبا أطراف الحديث، أخبرته أن الذي قتل صديقها هو الشاب Numero8 من منطقة أوسيتيا، وهو يلاحقها..
حينما علم بذلك، رجع بسرعة إلى مانفريدي وأخبره بالمعلومة، جهز مانفريدي رجاله وأرسلهم بأقسى سرعة لملاحقة Numero8 انتقاما لأخيه الصغير.
طاردوه في سوق ممتازة، أصابوه في يده وبطنه دون أن يموت، عاد Numero8 إلى منزله المطل على البحر مع صديقته.
بعد أن نفذ رقم 8 عملية قتل الأخ الصغير لمنفريدي، جاء عنه صاحب مشروع قانون تحويل منطقة أوسيتيا إلى منطقة سياحية رئيس العصابة Samurai، أخبره بانزعاجه من عملية الاغتيال، وأمره ألا يتورط في دماء جديدة، لأن ذلك، سيكون سببا في اندلاع حرب بين عصابته وعصابة Manfredi .
بادرت صديقة Numero8 لوحدها، إلى مغادرة المنزل والذهاب للانتقام لصديقها رقم 8 ، فقتلت رجلين من رجال Manfredi.
أصبح الشاب Numero8 متمردا على سموراي ومطاردا من طرف مانفريدي، هرب من منزله واختلى مع صديقته في كوخ بعيد.
رجع سموراي إلى رقم 8 يخبره أنه لم يلتزم بالاتفاق، أن لا يريق دماء جديدة، غضب رقم 8 وتحدى سموراي، ذهب سموراي، ورجع برجاله، فقتل Numero8، وفرت صديقته فيوليا.
بعد قتل رقم 8 أصبح مانفريدي، يريد معرفة المزيد من المعلومات، عبر سيبا، طلب منه أن يحقق في اسم صديقة أخيه الصغير.
استجاب سيبا بعد تهديد قوي، أعطى المفاتيح لمانفريدي، وأخبره أن صديقة أخيه توجد في منزله.
ألقى مانفريدي القبض على صابرينة، واستنطقها بالقوة، لتجيب عن سؤال، من أرسل Numero8 ليقتل أخاه؟
أخبرته أنه Filippo Malgradi السياسي والعضو في البرلمان بالجمهورية الإيطالية، قام من مكانه، وأخذ رجاله، ومعه سيبا، ليقوم بالهجوم على منزل مالكريدي، لا ليقتله، بل ليتفاوض معه، أن يكون له في مشروع أوسيتيا السياحي الساحلي 20 في المائة، ثم اختطف بنته الصغيرة، وطلب منه الرد في أقرب وقت.
أسرع Malgradi إلى صديقه رئيس العصابة Samurai وأخبره، أن بنته اختطفت وأن Manfredi يريد نصيب 20 في المائة من المشروع.
بعد أيام من هذا الصراع استطاع Malgradi أن ينجح في حشد نواب البرلمان للتصويت على قانون تجديد الضواحي، لإطلاق مشروع أوسيتيا مع حليفه رئيس العصابة سمواري، وبشراكة مع قس في الكنيسة يجمع أموالا ضخمة..
صوت البرلمات على القانون ب 380 موافقون و 26 معارضون.
لكن هذا المشروع واجهه ما لم يكن في الحسبان.
رئيس العصابة صاحب المشروع سموراي، تفاجئه فيوليا في بيته، وتلقي القبض عليه، وتخرجه من منزله، وتقتله شر قتلة في ليلة ممطرة.
رئيس العصابة الثاني Manfredi، الذي جعل سيبا عبدا، يطلب منه ان يقوم بمهمات قذرة، لكي لا يستولي على ممتلكات أبيه، شعر بانهيار كرامته، ترصد لمانفريدي، وضربه بعصا غليظة على رأسه أغمي عليه، وسحبه من رجليه، وأدخله إلى قفص يعيش فيه كلب بيتبول، كبل مانفريدي من يديه، ثم أطلق عليه الكلب يمزقه.
بعد قتل فيوليا لساموريا، وبعد قتل سيبا لمانفريدي.
رئيس الحكومة الإيطالية يقدم استقالته، بعد خروج الجماهير الشعبية للاحتجاج، لأن الفساد، عام كل مرافق الدولة.
ثم قدم كبير القساوسة استقالته نظرا لانتشار الفساد المالي في الكنيسة.
أما السياسي البرلماني Filippo Malgradi لم يقتل، ولم يقدم استقالته، لكن كل همه، أنه رئيس الوزراء المستقيل كان يضمن مقعده في البرلمان.
بعد استقالة رئيس الوزراء، اجتاحته نوبة خوف إذا فقد مقعده، ويخاف من انتخابات برلمانية مبكرة.
لأنه لو فقد مقعده، سيعتقل بتهمة ممارسة الجنس مع فتاة قاصر والمشاركة في القتل، لأن الادعاء العام أصدر مذكرة الاعتقال.
قال لي في آخر القصة:
وا أسفاه فتاة ليل اسمها Sabrina تعرف حقيقة الصراع السياسي أكثر من المحللين السياسيين، إنها تقول الحقيقة، وهم يخفون الحقيقة.
شكرته كثيرا، لأنه أمتعني بهذه القصة الرائعة، وهي فيلم إيطالي بعنوان Suburra!

إرسال تعليق