U3F1ZWV6ZTQwMTExODUzOTU3MDM5X0ZyZWUyNTMwNjAyNTk4MjY3NQ==

نعمة الزواج بإخوانية

 



بقلم: مصطفى بوكرن

كان سبب انتمائه إلى حزب العدالة والتنمية، دعوة بنكيران المستمرة إلى الزواج بالأخوات. لو سألتَ الكثيرين عن سبب انتمائهم لهذا الحزب الوطني، ستجدهم يتحدثون، عن أنهم يريدون المساهمة في الإصلاح، ومواجهة الفساد والاستبداد، وتعزيز قيم الانتماء والمواطنة، والمشاركة في إصلاح المؤسسات من الداخل، وإنجاح الانتقال الديمقراطي، والدفاع عن ثوابت البلاد. كنت واضحا مع نفسي منذ البداية: جئت باحثا عن "إخوانية" فاتنة ومحجبة ومتدينة.


قبل انتمائيه إلى حزب العدالة والتنمية، كان منتميا إلى حزب النهج القاعدي الديمقراطي. بصراحة شديدة، لازل مؤمنا بالمشروع السياسي للنهج، ومؤمنا بالمعارضة الراديكالية للفساد والاستبداد. لكن لم يقتنع بالمشروع القيمي والاجتماعي والثقافي الذي رآه بأم عينيه في صفوف مناضلي ومناضلات اليسار. فهو يساري سياسيا، محافظ اجتماعيا وقيميا وثقافيا. ولذلك، انتمى للبيجدي، لا من أجل البحث عن عَرض سياسي قوي، بل من أجل البحث عن عِرض اجتماعي مؤمن بقيم المحافظة، يربي أبنائي على قيم الدين الأساسية.


انتمى للبيجدي، لا من أجل البحث عن عَرض سياسي قوي، بل من أجل البحث عن عِرض اجتماعي مؤمن بقيم المحافظة


انتماؤه لحزب يساري، جعله مدركا "لبنية التنظيمات الحزبية" لا فرق بين حزب يساري وحزب إسلامي. رأى نفس التصرفات من بعض الأفراد، في أسلوب التموقع والارتقاء التنظيمي، الاختلاف يقع، على مستوى المبررات، التي تمنح للعضو توازنا نفسيا. لم يكن همه الاجتهاد في التسلق التنظيمي، بل كان يفكر كيف يغزو قلب أخته في الله، يحبها وتحبه، فيتزوجا على سنة الله ورسوله، يجمعهما في الظاهر الحب، ويفرقهما في الباطن المشروع السياسي.


تجربته في العلاقة مع المناضلات اليساريات، كانت مفتوحة. لكن في عالم الإخوانيات، شيء آخر. اقتنع بدعوة بنكيران إلى الزواج، وأعتبر أن هذا أفضل مشروع أطلقه في حياته السياسة، منذ أن زوج محمد يتيم بالمرأة الأولى. دخل إلى البيجدي، ويجر خلفه تجربة ثرية في "التحرميات السياسية والعاطفية". قرر أن يختار "شعار المعقول" في بعده الاجتماعي، لا بعده السياسي. لم يكن يبالي بنقاشات مواجهة التحكم، ولم يكن مهتما بخطابات بنكيران السياسية، يستيقظ كلما يبدأ الحديث في الشأن الاجتماعي، ويرخي العنان للسانه ليتحدث عن العلاقة "بين الإخوان والأخوات". كان يتحرك داخل الحزب بحذر، فأعضاؤه متشددون في العلاقة بين الجنسين، وإن بدا في الظاهر، أنهم منفتحون، فشبهة "العلاقة العاطفية"، قد تؤدي بصاحبها إلى العزل التنظيمي، أما لو ثبتت في حقه "الممارسة الجنسية"، فالمصير الطرد فورا، مهما علا شأنه، لأن غالبية أبناء الحزب هم أعضاء في حركة التوحيد والإصلاح، ويرتادون المجالس التربية كل اسبوع، وهذا يشكل مناعة ضد أي اختراق تربوي.


وجد نفسه مضطرا ليصبح متدينا، التحق بالجلسات التربوية للحركة، لم يفعل ذلك نفاقا، بل اختار التدين، وهذا شأن خاص لا أحد يتدخل فيه، لأنه بدأ يفكر في بناء أسرة، وظل سؤال يراوده باستمرار: كيف سيربي أبناءه، هل سيربيهم بالأخلاق العلمانية، التي يتبناها اليسار؟ حسم موقفه، التربية الاجتماعية: تربية إسلامية ومحافظة ومغربية، أما الاختيار السياسي: فهو اختيار ينحاز إلى اليسار.


التربية الاجتماعية: تربية إسلامية ومحافظة ومغربية، أما الاختيار السياسي: فهو اختيار ينحاز إلى اليسار.


قنص إخوانية جميلة، مكنه منها، موقعه المهني، فهو مهندس متخصص في المعلوميات، يشتغل في شركة دولية، لها فرع في المغرب. الأخوات، كن يميزن بين عروض الزواج، لن تقبل بعرض مناضل "يمزق حذاءه" ولا مهنة له، أو له مهنة بسيطة، بل الأخوات ذوات "الزين والثبات" يخترن صاحب الجيب الكبير، والقلب الحنون، كأي امرأة!


طرقت باب أختi في الله، وكان "ناوي المعقول"، عرض بين يديها، جمع التفاصيل، كل ما تريده موجود، الشقة، السيارة... تمنعت في البداية، ووعدته خيرا. كانت تريد اختباره، هل هو عازم على الزواج ويريدها حقا أم الأمر مجرد نزوة عابرة؟ واصل إلحاحه بأدب واحترام، دون أن يحرجها. تجربته السابقة المناضلات اليساريات، علمته الكثير، في التعامل مع المرأة بصفة عامة. كان يتواصل معها باتزان وشموخ، فاجأها، لأنها كانت تظن، أنه "أخ حقيقي" ، لم يسبق له في حياته، أن كانت له علاقة مع البنات. اندهشت لطريقة تواصله، كانت تظن، أننه سيتواصل معها، مثل رجل لم يتذوق الحب مطلقا، وحين تذوقه، طاش عقله، وصدرت منه تصرفات غير عقلانية. كشفت له، مرة، قائلة: طرق بابي الكثير من الإخوان، وكانوا يتصرفون بتصرفات غريبة، أنت حالة خاصة. كان يجيبها: عشت مراهقتي وجزءا من شبابي، حتى ثملت. عفا الله ما سلف، أريد المعقول.


كانت أخلاقه خير ناطق، بحثت عنه، وعرفت، أنه كان يساريا، لكن تدينيه ومواظبة على المسجد وحضوري للمجالس التربوي، ثم وضعي المالي، جعلها تتعلق به. تم الزواج على سنة الله ورسوله.

يعيشان الذكرى الرابعة لزواجهمت، رزقا بابنة سماها بنكيرانة. اكتشف اليساري حقا، أن الزواج بإخوانية، نعمة من نعم الله. سمع الكثير من القصص التي تتحدث عن مشاكل العلاقات الزوجية بين الإخوان والأخوات، ومنها من انتهى بالطلاق. لكن، هذه حالات جزئية، وقليلة جدا. حقا، قاما بتوليفة عجيبة في حياتهما، اقتنعت زوجته بالاختيار السياسي اليساري، واقتنع هو باختيارها التربوي الإسلامي.


أقتنعت زوجته بالاختيار السياسي اليساري، واقتنع هو باختيارها التربوي الإسلامي.

كان يدعو الأستاذ عبد الإله بنكيران إلى التفرغ لهذا المشروع الإصلاحي، تزويج الشباب، فهذا أهم مشروع يحتاجه المغرب، ويطلب منه أن يتوب من خدمة المخزن. ويكفيه شرفا، أن يخلد في التاريخ، أنه يزوج ابناء المغرب وبناته على سنة الله ورسوله، ويكفيه هذا العمل الصالح، أن يلقى به الله عز وجل يوم لا ينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

أما السياسة، فيراه يطيل عمر الاستبداد في هذا البلد...
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة