بقلم: مصطفى بوكرن
لا أطمع مرة أخرى في العودة إلى المنصات، أحاضر حول الأخلاق الإسلامية، والفرق بين النموذجين الغربي والإسلامي، وأتحدث عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقوم بمحاولة لتفسير القرآن الكريم.
صدق من قال في حقي: "كان صرحا من خيال فهوى"، نعم إنني سقطت ولن اقوم مرة أخرى، لأدعو إلى الله، أو لأبشر بالفكرة الإسلامية، أو لأناظر خصوم الإسلام، وأبين عورتهم أمام الجميع، وأسفه أحلامهم، وأكشف عن هشاشة أطروحاتهم.
لا أطلب من أحد، أن يشجعني، بتجاوز هذه المحنة التي أمر منها، وأعود إلى الساحة الإسلامية داعية مفكرا ومنظرا ومحاورا ومجادلا، وحتى إن وجد من يبادر إلى تشجيعي، فأقول له: شكرا لك. نعم سأتجاوز المحنة، لأعود إلى ذاتي، وأعيش لنفسي، وأفكر في "رجلي الثالثة" لماذا هزمتني؟ لن أهتم بالآخرين، لأن كل حياتي كانت من أجل الآخرين.
نعم سأتجاوز المحنة، لأعود إلى ذاتي، وأعيش لنفسي، وأفكر في "رجلي الثالثة" لماذا هزمتني؟
أعلم أن الكثيرين، سيذرفون الدموع من قسوة اعترافي، لا شفقة علي، بل لأنهم صدقوني طيلة ثلاثين سنة، وها أنا الآن أكتب بصراحة قائلا: لا تسامحوني، لا تغفروا لي، كانت لي حياة موازية، كنت أمامكم مفكرا إسلاميا، لكن حينما اختلي بنفسي، أدلك رجلي الثالثة.
ما أصعب هذا الاعتراف، إذا سمعه الخلص من أحبائي، لأنهم كانوا يرون أنني رمز من الرموز الإسلامية، وكانوا يدافعون عني، ويشككون في أي تهمة تمس عرضي، لأنهم أحبوني بصدق.
أعترف لكم أحبائي، أنني كنت عاشقا للنساء، منذ عقود. المرأة تفقدني ترتيب أفكاري، وكانت بعض النساء، يمتلكون حاسة سابعة، فيقتربن مني، لأنني نجم النجوم، فيتفاخرن بالاقتراب مني أمام صديقاتهن. كن يراودنني لأيام وأسابيع، في الأخير تهزمني رجلي الثالثة.
أعترف لكم، لم أغتصب امرأة يوما، كل ذلك كان بالتراضي بيننا. يا لها من حقيقة قاسية أعترف بها أمامكم. أريد أقول الحق ولو على نفسي، لأنني لا أريد أن أرجع إلى ساحة التأليف الإسلامي ولن أحاضر محاضرة موضوعها الفكر الإسلامي، إنما أريد أن أجعل هذا الحدث الذي وقع لي درسا لكل الأجيال المقبلة.
أريد أن أجعل هذا الحدث الذي وقع لي درسا لكل الأجيال المقبلة
أقول لهم: فهمت لماذا الإسلام يركز على تغيير النفس الأول، فهمت أن أخطر معركة يخوضها المرء، هي معركته مع نفسه، وخاصة مع رجله الثالثة. فهمت أن عدوي ليس العلمائية ولا ليبرالية ولا الماركسية ولا شيوعية ولا الإلحاد، عدوي هو نفسي.
عدوي هو نفسي
تباهيت كثيرا في التلفزيون وأنا أسدد اللكمات في المناظرات مع مفكر علماني حاقد على الإسلام، ابين له زيف ادعاءاته، ويتابعني الكثير من المسلمين، ويسجلون فيديوهاتي ، وينشرونها في كل ارجاء الكرة الارضية الإنترنتية، لكن حينما أعود إلى فرشي، وأختلي بنفسي في غرفة بفندق من الفنادق، أجد نفسي مهزوما مهزوزا من داخلي، فتركلني رجلي الثالثة، وتدوس علي، حتى اصبح خرقة بالية لا قيمة لها. كنت أطمئن نفسي، أنني أدافع عن الإسلام وإن هزمتني نفسي.
اعلم أن الكثيرين، سيحقدون علي، لانني كشفت لهم حقيقتي أنني أعيش بوجهين، لن أنصحهم بالتسامح، أطلب منهم أن يحقدوا علي، وأن يشتموني...
سأقسو على نفسي كثيرا، لو طلبت من أحبائي في كل مكان، أن يبصقوا على صورتي، ويتحدثون معي بصوت مرتفع، وكل واحد يوجه كلمة إلي، بأي أسلوب، وبأي مضمون.
أنا لن أعود إليكم محاضرا في الأخلاق الإسلامية، وفي النظرية الإسلامية، وسأعالج نفسي، لأنني مريض، والسبب رجلي الثالثة.
حتى لو جلست أمامكم، ضاع شغف استقبال خطابي!
لي آمل واحد، أن يغفر الله لي، وسأبذل مجهودا جبارا، لطلب المغفرة منه. تأكدوا دائما، أنني إنسان.
في الأخير، إذا رأيتم داعية إسلاميا و مفكرا إسلاميا، واشتهر كثيرا، ارفعوا أكف الضراعة، أن يستره الله في الدنيا والآخرة. بل إن رأيتم أي شخصية مشهورة يحبها الناس، اسألوا لها الثبات.

إرسال تعليق